فصل: البحث الثاني الأجوف النازل من حين ما يتوكأ على عظم الصلب إلى أن ينتهي إلى الرجلين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.الفصل الرابع تشريح أوردة اليدين إلى الكتفي منه وهو القيفال:

أما الكتفي منه. إلى آخر الفصل.
الشرح:
قوله: وأما الكتفي وهو القيفال أي وهو الذي يصير منه القيفال فإنه يتفرق منه شعب في جلد العضد وفي الإبط ظاهره ويكون منه أيضًا حبل الذراع ويجتمع جزء منه وجزء آخر من العرق الإبطي فيكون منهما العرق المسمى بالأكحل وكذلك أيضًا يجتمع منه جزء وجزء من الإبطي فيكون منه ذلك عرق يتعمق في الساعد وهذا غير مشهور ولا اسم له لأنه لأجل غوصه لا يصل إليه المبضع فلذلك لا يفصد فلذلك هو غير مشهور.
والقيفال ليس هو مجموع هذه الأشياء بل ما يبقى من الكتفي بعد هذه الأشياء وهو عرق يمتد في الساعد مارًا في أعلى معطف المرفق. وألفاظ باقي الفصل ظاهرة. والله ولي التوفيق.

.الفصل الخامس وكلامنا في هذا الفصل يشتمل على بحثين:

.البحث الأول الأجوف النازل من عند انفصاله من الأجوف الصاعد إلى أن يتوكأ على أعلى الصلب:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
قد ختمنا الكلام في الجزء.
إلى قوله: وبعد نبات الطالعين.
الشرح:
قوله: فأول ما يتفرع منه كما يطلع من الكبد وقبل أن يتوكأ على الصلب يتشعب منه بشعب شعرية تصير إلى لفائف الكلية اليمنى.
السبب في ذلك أن الكليتين تحتاجان أن يكون على ظاهرهما شحم كثير لما نذكره من منفعة ذلك عند كلامنا في تشريح الكلي.
والشحم إنما يتكون من مائية الدم كما علمته من قبل.
وإذا نفذ هذا الأجوف عن الكبد قليلًا تصفى دمه عن المائية الزائدة فاحتيج أن يكون ما يصل إلى ظاهر الكليتين من الدم واصلًا إليهما أو لًا والعروق النافذة إلى ظاهر الكلية اليمنى من أول انفصالها عن هذا الأجوف شعرية ولا كذلك النافذة إلى ظاهر الكلية اليسرى.
فإنها تكون أو لًا عرقًا واحدًا ثم ينقسم إلى عروق شعرية وإنما احتيج أن تكون هذه العروق شعرية لتمنع نفوذ الدم المتين فيها ولا ينفذ فيها من الدم إلا ما تغلب عليه المائية حتى ترققه جدًّا وإنما كانت عروق الكلية اليمنى من أول انفصالها شعرية لأن هذه الكلية قريبة جدًّا من الكبد فلذلك لا يخشى على عروقها الدقاق من الانقطاع لأجل طول المسافة ولا كذلك الكلية اليسرى فإنها بعيدة عن الكبد لأنها مع أنها في خلاف جهتها هي كثيرة النزول إلى أسفل فلذلك جعل ما ينفذ إليها عرقًا واحدًا غليظًا ثم يتفرع ذلك العرق إلى عروق كثيرة جدًّا شعرية.
قوله: يتوجهان إلى الكليتين لتصفية مائية الدم إذ الكلية إنما تجتذب منها غذاها وهو مائية الدم ها هنا سؤالان: أحدهما: ما السبب في أن العرق النازل جعل له وحده ما يصفى من المائية وهلا جعل ذلك للعرق الصاعد أيضًا أن جعل ما يصفي المائية قبل انقسام الأجوف إلى الصاعد والنازل لتكون التصفية عامة للدم النافذ فيهما وثانيهما: أن الكلية كيف تجذب الدم المائي وكل عضو فإن جذبه للمواد الغذائية إنما يكون لتغتذي من ذلك المجذوب.
وغذاء الكلي يجب أن يكون من الدم المتين الكثير الأرضية لأن جوهر الكلية كذلك والغذاء يجب أن يكون فيه شبيهًا بالمغتذي الجواب: أما السؤال الأول فإن الدم الصاعد في العرق الصاعد مستغن عن التصفية عن المائية وإنما يحتاج إلى ذلك العرق النازل فقط وإنما كان كذلك.
لأن تصعد المائية في العرق الصاعد لا يمكن أن يكون بالطبع ولا أيضًا تجذبه الأعضاء فلذلك تصعدها في ذلك الصاعد غير ممكن إنما تصعدها بالطبع محال فلأن المائية من شأنها السيلان إلى أسفل لا إلى فوق وأما أن تصعدها يجذب الأعضاء لا محال فلأن جذب الأعضاء إنما يكون لما يغتذي به ولما يعين على تغذيتها والمائية لا تصلح للأعضاء فلذلك كان تصعد هذه المائية الزائدة في العرق الصاعد حينئذٍ محالًا وأما العرق النازل فإن هذه المائية تنفذ فيه لأن المائية شأنها السيلان إلى أسفل وهذه المائية لأنها زائدة عن المقدار الذي يستحقه الدم الغاذي يحتاج إلى تصفية الدم منها وإنما يمكن ذلك باندفاعها عنه وذلك بأن تجتذبها الكلى فيخلص الدم منها وجذب الكلى لها لا لأنها ملازمة للدم الذي يحتاج إليه الكلى في تغذيتها فتجذب الكلى لذلك الدم ويلزم ذلك انجذاب هذه المائية والسبب في أن هذا الدم تنجذب معه مائية كثيرة بخلاف الدم الباقي وغيره هو أن الأعضاء تجذب الدم أيضًا ولا تجذب المائية وجب تلك الأعضاء يمانع من أن يندفع إلى الكلى لجذبها دم كثير ولأجل فقدان جذب تلك الأعضاء المائية تكون مندفع منها مع ذلك الدم كثيرًا ولأجل هذا وجدت المائية يكون المندفع منها من ذلك الدم كثيرًا فلذلك تندفع إلى الكلى دم كثير المائية وبكثرة تلك المائية يخلص الدم الباقي منها وبعد انفصال هذين الطالعين من العرق العظيم النازل ينفصل منه أيضًا عرقان آخران ينفذان إلى الأنثيين في نفوذ هذين العرقين إلى مع أن الأنثيين ينبغي أن يكون ما يأتيهما من العروق آتيًا إليها من هذا العرق العظيم النازل بعد وصوله إلى عظام العجز. لأن ذلك الموضع أقرب إلى الأنثيين.
سبب ذلك أن الدم المائي النافذ في الطالعين إلى الكليتين ليس يكاد يستقصي ما في الدم من المائية الزائدة فيبقى في الدم الباقي يسير من تلك المائية الزائدة فيحتاج إلى دفعها إلى عضو يحتاج في غذائه إلى رطوبة زائدة وذلك هو الأنثيان فلذلك ينفذ إليهما العرقان.
قوله: وما يأتي من الأنثيين من الكلية وفيه المجرى الذي ينضج فيه المني بعد احمراره ولكثرة معاطف عروقه وعروق الكلى كما عرفته كثيرة المائية فلذلك يكون فيها دم كثير الرطوبة فيكون ذلك الدم كثير الاستعداد والاستحالة إلى المنوية وذلك إذا خالطه ما يحيله إلى طبيعة المني.
وقد بينا في غير هذا الكتاب أن الأصل في المني والخميرة فيه هو ما ينزل من الدماغ وهذا النازل من الدماغ يخرج من الدماغ في العروق التي عند السحا وتنفذ تلك العروق إلى عظام الصلب فيجري فيها المني مصاحبًا للنخاع ليبقى في تلك المنافذ على مزاجه وهو في الدماغ ولا يزال ينفذ إلى أسفل حتى ينتهي إلى هذين العرقين فينفذ فيهما وتحيل ما فيهما من الدم إلى طبيعة المني فلذلك هذان العرقان وليسا لتغذية الأنثيين فقط بل ولأن يستحيل كثير من الدم الذي فيهما إلى طبيعة المني وتكمل استحالته إلى ذلك إذا حصل في الأنثيين.
وقد قال الإمام الفاضل أبقراط: إذ نزل المني ووصل إلى مخ عظم الظهر تميز فيه ثم ينزل في مجار له في الكليتين أعني التي لا تنزل إلى أسفل ولكنها تصعد إلى الكبد وهي التي إن أصابها شيء من الأوجاع يسيل منها دم وقوله: التي لا تنزل إلى أسفل يعني التي لا تتعدى الأنثيين إلى أسفل كمالتي تنفذ إلى جهة الرجلين.
وقوله: وهي التي إن أصابها شيء من الأوجاع يسيل منها دم يريد بذلك أن هذه العروق فيها يستحيل الدم إلى طبيعة المنى فإذا عرض له شيء من الأوجاع أي من الأمراض يسيل منها دم عند الإنزال أو يكون ما ينزل حينئذٍ دمويًا وذلك لأجل قصور استحالة الدم الذي فيها إلى المنوية لأجل ضعفها بذلك المرض ولذلك يعرض أيضًا لمن استكثر الجماع أن ينزل منيه دمويًا لأنه ينزل حينئذٍ ما لا يكون قد استحكمت استحالته إلى المنوية والله ولي التوفيق.

.البحث الثاني الأجوف النازل من حين ما يتوكأ على عظم الصلب إلى أن ينتهي إلى الرجلين:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وبعد نبات الطالعين وصنعتهما يتوكأ الأجوف.
إلى قوله: وما يبقى من هذا باقي.
الشرح:
قوله: يتوكأ الأجوف عن قرب على الصلب الشرايين والأوردة من شأنها أي أن يتوكأ كل منهما في صعودها ونزولها على عظام الصلب لتكون هذه العظام وقاية لها حيث لا يلحقها حراسة الحواس وارتبط بتلك العظام فتبقى أو ضاع أجزائها محفوظة.
قوله: فإذا انتهى إلى آخر الفقار انقسم قسمين.
يريد بقوله: أجزاء الفقار الذي ينتهي عنده وذلك هو فقار العجز وفائدة هذا الانقسام أن ينتهي كل قسم منها إلى رجل ولذلك يتابعدان فيكونان على هيئة اللام في كتابة اليونان.
وكل واحد من هذين القسمين ينفصل منه قبل موافاته العجز عشرة عروق وهي التي سماها قوله: يتفرع منها عروق صاعدة إلى الثدي تشارك بها الرحم.
فائدة هذه المشاركة أن يكون ما يفضل من دم الطمث عن غذاء الجنين يجد طريقًا للنفوذ إلى الثديين ليستحيل لبنًا ويصير بذلك غذاء للجنين بعد انفصاله ولا يبقى في الرحم فضلًا ويندفع إلى غير الثدي من الأعضاء فيؤذيه وعبارة باقي الفصل ظاهرة.
والله ولي التوفيق.
تم القسم الأول بحمد الله ومنه ومن هنا نأخذ في تشريح الأعضاء الآلية مستعينًا بالله وحده.

.القسم الثاني تشريح الأعضاء الآلية:

وهو عشرون فصلًا:

.فصل معرفة الرأس وأجزائه:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
قال جالينوس: إن الغرض في خلقة الرأس هو الدماغ ولا هو السمع ولا الشم ولا الذوق ولا اللمس فإن هذه الأعضاء والقوى موجودة في الحيوان العديم الرأس.
إلى قوله: ثم العظيم الذي هو القاعدة للدماغ.
الشرح:
المراد ها هنا بالرأس العضو المشتمل على الدماغ الموضوع في أعلى البدن ورأس الإنسان.
إذا قيس إلى بدنه كان أعظم نسبة من رؤوس باقي الحيوانات إلى أبدانها وسبب ذلك أمور: أحدها: أن الإنسان يحتاج أن تكون له قوة الفكر والذكر وذلك يحتاج إلى أرواح كثيرة فلذلك احتيج أن يكون لتلك الأرواح مكان متسع ولا كذلك غيره من الحيوان فإنه ليس له هذه القوى.
وثانيها: أن أرواح دماغ الإنسان يحتاج فيها أن تكون صافية ليجود فكره وإنما يمكن ذلك إذا لم تخلط فيها أبخرة كثيرة ورأس الإنسان يحتاج فيها أن تكون صافية ليجود فكره وإنما يمكن ذلك إذا لم تختلط فيها أبخرة كثيرة ورأس الإنسان في أعلى بدنه فهو في جهة تصعد إليه الأبخرة من معدته ومن جميع بدنه.
فلذلك يحتاج الإنسان أن يكون رأسه كبيرًا جدًّا ليتسع لما يتصعد إليه من أبخرة من غير أن يحتاج تلك الأبخرة بسبب ضيق المكان إلى مخالطة أرواحه.
ولذلك احتيج أن تكون عظام رأس الإنسان متخلخلة واسعة المفاصل قليلة اللحم الذي فوقها ليكون ذلك أعون على تحلل تلك الأبخرة.
فلذلك فإن من رأسه كثير اللحم فإن فكره ضعيف فاسد ومن كان رأسه قليل اللحم فهو أصح ذهنًا وبسبب أن رأس الإنسان في أعلى بدنه والأبخرة متصعدة إليه كثيرًا صارت النزلات وغيرها من الأمراض الدماغية تكثر في الإنسان فلذلك يكثر بالإنسان السعال والزكام والبحوحة.
وكذلك يكثر ازدياده وتكثر الرطوبات في عينيه ولا كذلك غير الإنسان.
وثالثها: أن الإنسان يمشي منتصب القامة وذلك مما يحتاج فيه إلى قوة من الأعصاب والعضلات المحركة له الحركة التي يلزمها ذلك ولذلك يحتاج الإنسان إلى أعصاب قوية وكثيرة وإنما يمكن ذلك إذا كان دماغه كبيرًا ونخاعه كبيرًا قويًّا.
وإنما يمكن ذلك إذا كان رأسه عظيمًا وكانت عظامه صلبة عظيمة وجميع الحواس وكذلك جميع أجزاء الرأس فإنها لا يحتاج فيها أن تكون مرتفعة وفي أعلى البدن إلا العينين فإنها إنما تكون منفعتها كثيرة تامة إذا كانت مرتفعة جدًّا وسبب ذلك لأن الارتفاع يزيدها قوة إدراك أو هو زيادة إدراك لما هو بحذائها فإن الإبصار إنما يتم بالمحاذاة.
أي بأن يحاذي الرائي للمرئي أو يحاذي صقيلًا يحاذي المرئي كما في رؤية الشيء في المرآة.
وهذا يتم سواء كانت العين مرتفعة أو منخفضة ولكن العين المرتفعة ترى أكثر مما إذا كانت غير مرتفعة.
وسبب ذلك ليس زيادة قوتها أو زيادة إدراكها بل إن تشكل الأرض كرة فالبعيد جدًّا ما هو على ظاهر الأرض ينستر عن الرؤية بحدبة الأرض وبيان هذا ليكن الأرض كرة ب ح د والمرئي د والرائي البعيد ب والقريب ج ق لا يراها البعيد لأجل انستارها عنه بحدبة الأرض ولا كذلك ج القريب ونحن إن شاء الله تعالى نحقق الكلام في هذا إذا نحن تكلمنا في كيفية الرؤية بالعين وذلك عند كلامنا في أمراض العين.
ولتعلم الآن أن العين تحتاج أن تكون في أعلى موضع من البدن ويحتاج ذلك أن تكون قريبة جدًّا وذلك لما تعلمه حيث نتكلم في كيفية الرؤية وإنما يمكن ذلك إن كان الدماغ موضوعًا في أعلى البدن وإنما يمكن ذلك إذا كان العضو الحاوي له كذلك.
فلذلك يجب أن يكون الرأس في أعلى البدن فلذلك المحوج إلى خلقة الرأس أعني العضو العالي المحاذي للدماغ إنما هو العينان.
قوله: فإن قياس العين إلى البدن قريب من قياس الطليعة إلى العسكر لاشك أن جميع الحواس مشتركة في أنها تحرس البدن من الآفات فإن الشم يحرس من التضرر بالرائحة الرديئة القتالة وذلك بأن تحد تلك الرائحة من آلة الشم لما يحوج ذلك إلى التنحي عنها.
وكذلك هذه الحاسة تجلب للبدن النافع من الرائحة لأن آلة الشم تلتذ بتلك الرائحة فيدعو ذلك إلى الاستكثار منها وكذلك حاسة الذوق تحرس البدن من تناول الأشياء الضارة والقتالة بتألم تلك الحاسة بها عند نفوذ الأجزاء المنفصلة عنها النافذة مع الريق إلى باطن اللسان وكذلك هذه الحاسة تجلب الأشياء النافعة للبدن وذلك بأن تلتذ الحاسة بطعومها فتحرض النفس على الاستكثار منها وكذلك حاسة السمع تحرس البدن عند الضرر بملاقاة الأصوات الضارة بأن تتألم بها هذه الحاسة وتجلب إلى البدن النفع بالأصوات النافعة بأن تلتذ هذه الحاسة فتحرض النفس على استماعها والاستكثار منها.
وكذلك حاسة اللمس تدفع عن البدن ضرر ما تضر ملاقاة البدن وذلك بتألم الحاسة بقوة بردها مثلًا أو بقوة حرها أو لشدة خشونتها أو صلابتها ونحو ذلك وتجلب إلى البدن النفع بالأشياء التي تنفع ملاقاتها البدن وذلك بالتذاذ هذه الحاسة بها وترغب النفس في ملاقاتها والاستكثار من ذلك ولكن جميع هذه الحواس إنما تتمكن من الشعور بمحسوساتها بعد ملاقاتها لها ومن الأشياء الضارة ما إذا بلغ القرب منه إلى حد الملاقاة فإن القرب منه حينئذٍ قد يكون غير ممكن.
وأما حاسة البصر فإنها تدرك الأشياء المحاذية لها أو لصقيل يحاذيها وإن بعدت جدًّا سواء كانت تلك الأشياء ضارة أو نافعة فلذلك هي أولى بالحراسة من غيرها من الحواس إنما يلزم في العين أن تكون قريبة جدًّا من الدماغ لتكون الروح فيها كما هي في الدماغ حتى يكون الشبح الواقع فيها وهي في العين باقيًا على حاله ومقداره إذا حصلت تلك الروح في الدماغ فلا يتغير في شيء من ذلك لأجل تغير حال الروح بسبب التجمع التابع لليبوسة والانبساط والتابع لكثرة الرطوبة ونحو ذلك.
ورأس الإنسان وما يجري مجراه اشتمل على جملته بسائطها القحف وما يحيط به وتغشيه وما في داخله من المخ والحجب والجرم الشبكي والعروق والشرايين والذي يحيط بالقحف السمحاق ولحم وجلد ينبت فيه شعر الرأس وطول شعر الرأس من خواص الإنسان وسبب ذلك كثرة ما يتصعد إليه من الأبخرة الدخانية وإذا كبر الإنسان قل شعر رأسه لأجل نقصان الدخانية حينئذٍ لأن أرضية البدن لها يعرض حينئذٍ أن تجف فيعسر تصعدها فإن الرطوبة تعين على تصعد الأرضية المتسخنة والقحف من عظام كثيرة لما نذكره بعد ولما ذكرناه في تشريحنا لعظام الرأس.
وقد صادف الفاضل أرسطوطاليس في تشريحه رأسًا لإنسان ليس لعظامه مفاصل وإنما رأسه من عظم واحد. فلنأخذ الآن في تشريح الدماغ وكلامنا فيه يشتمل على مباحث تسعة. والله ولي التوفيق.